من هم البلوشيين وكيف يعيشون في الخليج العربي بدون اقامات ولا بطاقات هوية في الغالب؟
كنت في رحلة الى جنوب الرياض اتتبع مجاري مياه وادي حنيفة والتي تستغل الان بتصريف مياه الصرف الصحي بها وتتجه الى بلدة الحاير جنوب الرياض ثم تنحرف الى الشرق حينما تصتدم بجبل الحاير وهذ هو سبب التسمية.
بعدها توجهت الى الغرب عبر طريق مزفت الى منطقة ديراب وقد ادركتني صلاة الجمعة في احد احياء جنوب غرب الرياض وبعد الصلاة لاحظة مجموعة من الناس صفاتهم وملامحهم واشكالهم وقصات شعورهم واتساع حدقات عيونهم واستدارة وجوههم وقد عرفتهم, فهم اقوام من البلوشيين الذين يسكنون في الرياض وقد تذكرة صورة لاحد الرسومات في منطقة الفاو الاثرية كنت قد شاركت في الحفر لعدة ايام مع فريق الاثار بقيادة العالم الفذ د/ عبدالرحمن الانصاري عام 1404هجرية وكانت الصورة ذات عيون دائرية وشعر مجعد وبشرة حنطية , فذكرتني هذه الصوره بهؤلاء القوم
فعند البحث حصلت على بعض المعلومات بالاضافة الى خريطة تبين موقع ارض البلوشيين في ايران ما يلي الخليج العربي وهذا قد بفسر علاقتهم باهل الخليج والجزيرة العربية
ارجو ان تقدم لكم بعض الايضاح والله اعلم
البلوش هم قبائل عربيه قحطانيه مهاجره من الجزيره العربيه واستوطنت بلاد فارس والمسماه الان بلوشستان , والقبيله البلوشيه القحطانيه هي التي نشلرت الاسلام والسنه النبويه المطهره مع مجمعه من صحابة الرسول الكريم وسأقوم بورد المراجع كافه ان بلوشستان وللاسف هاجر اليها ايضا خليط من الهنود والسنود الباكستانيين والايرانيين وجميعهم حملوا لقب البلوشي او بلوشي ليس لانهم من ابناء قبيلة البلوش العربيه القحطانيه وانما لانهم من سكان اقليم بلوشستان فقط لاغير وهاذا معروف لدى العامه والمؤرخين والعلماء خاصه ولذلك نجدهم الان بيننا في الخليج ممن استغلوا اللقب البلوشي لايهام الحكومات العربيه بانهم عربا من السلاله البلوشيه وذلك للحصول على الجواز الخليجي والتمكن من التوطن وحمل الجنسيه الخليجيه
ان سمات القبائل البلوشيه العربيه اهل قحطان واضحة المعالم والرؤى فبامكاننا التمييز بين الدخلاء على القبيله البلوشيه وبين ابناء القبيله الاصليين العرب وذلك من خلال عدة عوامل وهي:
تحديد الاسم كاملا للشخص الذي يحمل اللقب البلوشي
فاذا كان اسمه الكامل يوجد به اسما اعجميا لاحد اجداداه فتصبح حجته ضعيفه بانه من ابناء القبيله البلوشيه لان الاسماء البلوشيه العربيه القحطانيه معروفه
ثانيا تحديد المذهب الذي ينتمي اليه هاذا الشخص والذي يحمل اللقب البلوش وذلك لان البلوش العرب اهل قحطان جميعهم على مذهب اهل السنه والجماعه وليس فيهم احدا ينتمي الى مذاهب اخرى فكيف الحال مع مذهب الفرس والذي ظل البلوشيين العرب يحاربونهم منذ تاريخهم الاول والى يومنا هاذا وهم الذين طردوا الفرس من البحرين واعادوا ال خليفه الى حكم البحرين وهم الامير صالح البلوشي قائد سرايا المجاهدين البلوش في البحرين وهو جد الامير محمد بن حسن ال محمد البلوشي والذي كان يتحصن بقلعته الشهيره في البحرين قلعة ابي ماهر وقلعة عراده المعروفه اليوم والتي سميت على احد رجال البلوش البلويين وينتمي الى بطن العرادي البلوشي ولها اسم معروف اليوم باسم منطقة عراده فالبحرين .
ثالثا تحديد الملامح والشكل والصفات فالمعلوم ان البلوش العرب بني قحطان ملامحهم واضحه وضوح الشمس وليس عليها غبار وصفاتهم العربيه القحطانيه معروفه لدى القبائل الاخرى
رابعا تحديد اللهجه واللكنه في الحديث فان البلوشيين بني قحطان يتحدثون العربيه ولا يتحدثون مايسميها البعض اللغه البلوشيه والتي هي خليط من اللغات الهنديه والسنديه والايرانيه والتي يتحدثها اليوم ممن يحملون لقب البلوشي خلسه ويتحدثون تلك اللغه المزعومه فالكلام الاعجمي واضح والكلام العربي القحطاني واضح وان تحدث الاثنان عربيا فبامكاننا التمييز بينهم من فيهم العربي ومن فيهم الاعجمي الدخيل
وساقوم بذكر عدة مراجع معتمده وضخمه لاشهر العلماء والنسابه العرب من الجزيره العربيه وبعض المصادر المعروفه والموثوقه التي اثبتت نسبة البلوش الى قبيلة بلي العضيمه احفاد الصحابه والفاتحين من بني قحطان
وسابدأها بذكر قصة عائشه السيار عن البلوش وقصيدة ابي عبيده البلوشي بقصيدته الشهيره
الى أين ذهبت أصول البلوش .. " قصيدة " كتبت هذه القصيدة ردا على عائشة السيار حين قللت من قدر البلوش بأن أصلهم متشتت ..فرد عليها القاضي أبو عبيدة في قصيدته .. قائلا فيها ..
وإبنت ســـــــيـار تهـــاجم مـــــازما *** صناديد قحطان أسودا أكـــــــــــارما
لهم سابقات المجد والفضل والعلى *** ربوا في متون الصــــــافنات قوادما
لهم غزوات سجلت ومكــــــــــــارم *** تفوق على طول الزمـــــان الغمائما
سليلة سيـــــار أراهــــا تجــــاهلت *** زمـــــــانا وأنســـــابا وتجهل مـازما
فإن بلوشـــــا من بلي بن مــــــالك *** قضــاعة من أجدادهم كان حــــاكما
إلى حمير ســـــارت هناك أصولهم *** إلى طبقات قد سمت لن تزاحــــــــما
فمــــــــــــازم قحــــــطانية حميرية *** أبو ناصر أحيا هنــــاك المراســـــما
وإخوانه الأبطــــــال طوعـــا لأمره *** وما قصدوا إلا الهدى والمـــــكارما
وأرضهموا من قبل صنعاء ومأرب *** ومن بعدها حلوا الحجاز المقاومــا
ومنها إلى الشام الخصيب توجهوا *** وفي واحة البلقاء شادوا العواصما
وجــــاءوا عمـــانا قبل ميلاد مريم *** وعيسى وحلوا بالصبيخى ومـــازما
وســــادات مكران ملوك وشــأنهم *** عظيم لهم بأس يطير الجمـــــــاجما
وفيهم رجال الدين والسيف والندى *** لقد جردوا لله منهم عزائــــــــــــما
ومنهم جلال الدين كان مجــــــاهدا *** جيوش " تتار " إذ أزاح المظالمـا
كذلك ســــيف الـــدين منـهم وأنهم *** أقاموا على متن الزمان المعالـــما
ولسانهموا حسب الجـوار ألا ترى *** لمن عــــــاد من أفريقيــــا وتكلمـــا
ولكن أصل القوم لا زال بــــــــاقيا *** هم العرب العربــــا ليوثا ضراغـــما
وعائشة السيار تدرك مــــا مضى *** ونرجولها يومـــا تشرف مــــــــازما
صلاة وتسلــــيما على سيد الورى *** وآل وأصــــــحاب ومن كان عالـــما
إنه لمن دواعي الفخر أن نتعرف على ناظم هذه القصيدة .. وكتبها معتزا ومفتخرا بأصله العريق .. وغيرته على قبيلته إنه فضيلة الشيخ القاضي أبو عبيدة عبدالله بن محمد بن خميس بن سعيد البلوشي ..
ولادته : ولد في ولاية قريات ببلدة طوي المعروفة " بضاحية المعروق " في سنة 1932م ..
نشأته : تربى في منطقة الجنين بين والده وأخوته وبدأ بتعلم القرآن الكريم فتعلمه على يد الشيخ مالك بن عديم الشماخي .. ولما بلغ الثالثة عشر من عمره تاقت به نفسه إلى طلب العلم .. وأرتحل إلى نزوى حيث مدرسة الإمام محمد بن عبدالله الخليلي .. فلما وصل أضافه الإمام وضمه إلى مدرسته ..
شيوخه : أخذ الشيخ أبو عبيدة العلم عن شيوخ أجلاء .. وعلى رأسهم الإمام الخليلي .. والشيخ أبو زيد الريامي . والشيخ سفيان الراشدي .. والشيخ سيف بن حماد الخروصي .. والشيخ عيسى بن صالح الحارثي أمير الشرقية في ذلك الوقت ..
أعماله : بعد عدة سنوات من تلقيه العلم بجامع نزوى وتمكنه في العلوم قام الإمام الخليلي بترشيحه واليا وقاضيا على العديد من الولايات ومنها ولاية الدماء والطائيين و ولاية بدبد .. وبعد وفاة الإمام الخليلي أقره السلطان سعيد بن تيمور في نفس عمله وجعله واليا وقاضيا على الجبل الأخضر .. ولما تولى صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد الحكم بعد وفاة أبيه عينه قاضيا على العديد من الولايات منها البريمي وشناص وإزكي وبوشر والسيب وهي أخر ولاية تولاها ..
وفاته : توفي رحمه الله في الثاني والعشرين من شهر رمضان في سنة 1418ه ..اما بالنسبه للمراجع فسأقوم بورد هذه المراجع ومنها
1- العقد الفريد لابن عبد ربه
2- سبائك الذهب لمحمد امين السويدي
3- الاشتقاق لابن دريد الازدي العماني
4-الاكليل لابي محمد الحسني بن احمد الهمداني
5- معجم الانساب محمد بن ابراهيم الخليل
6- معجم البلدان والقبائل اليمنيه لابراهيم احمد المقجلي
سبائك الذهب ص 23
الاشتقاق ص 550
الاكليل ص 28
معجم قبائل العرب ص 105
معجم البلدان والقبائل اليمنيه ص 149
اضافة الى العديد من مواقع قبائل بلي الرسميه يوجد بها اقسام بلي ومن ضمنها قاموا بنسبة البلوش الى بطن الزففه من بلي ومنها موقع قبيلة بلوي دوت كوم في تقسيم بلي في الشام البـلوش (قبيلة قحطانيه يتصل نسبها الى بلي)
يقول الاديب العماني المعروف الشيخ سليمان بن خلف الخروصي ان البلوش قبيلة قحطانية يتصل نسبها الى بلي بن عمرو بن الحاق بن قضاعة بن مالك بن عمرو بن مرة بن زيد بن مالك بن حمير الاكبر بن سبا بن يشجب بن يعرب بن قحطان هود علية الصلاة والسلام
نسب البلوش في كتاب الجوهر المنقوش :
يقول الكاتب عبد الحكيم البلوشي في كتابة الجوهر المنقوش في تاريخ البلوش بانة ثبت لدية بعد بحث طويل ان البلوش من العرب من بني قحطان من الازد من اهل اليمن من ولد سليمة بن مالك بن فهم بن غنم بن دوس بن عدثان بن عبدالله بن زهران ابن كعب بن الحارث بن عبدالله بن مالك بن نصر بن الازد بن الغوث بن نبت بن مالك بن زيد بن كهلان بن سبا بن يشجب بن يعرب بن قحطان بن عابر بن شالخ بن ارفخشذ بن سام بن نوح علية السلام ابن لمك بن متوشلخ بن اخنوخ بن يرد بن مهلائيل بن قينان بن انوش شيث بن ادم عليهم السلام وقد استعان الموْلف بالمراجع التالية معجم البلدان لياقوت بن عبد الله الحموي الرومي ومن الكتاب فتوح البلدان للبلاذري ومن الكتاب القصد والامم في التعريف باصول انساب العرب والعجم
1.لماذا سمى البلوش بهذا الاسم :
يقول الشيخ نور احمد الفريدي سميت هذة القبيلة بالبلوش لانها كانت تسكن في وادي البلوص من بلادالشام ويقول الاخرون سميت بهذا الاسم نسبة الى اسم بلي ويقول الكاتب مير رحيم داد في كتابة تاريخ القلات بان القبيلة سميت بالبلوش من شجاعتها لان كلمة البلوش كلمةتركية الاصل ومعناها باللغة التركية قبيلة جرار بينما يقول موْلف كتاب الجوهرالمنقوش بان اسم البلوش جاءت من اسم الابرش حيث كان لسليمة بن مالك اخ اسمة جذيمةالابرش ويقول الصحفي المعروف رياض نجيب الريس في مقالة كتبة في مجلة المستقبل العدد 363 بان البلوش اصلهم الى العرب سكان مابين النهرين العراق واسم بلوش من اصل اسم ملك بيلوس في ذلك الزمان هذا والله اعلم بالصواب وهو بكل شيء عليم ولماذ نتكلم عن نسب البلوش ؟
لا بد للانسان ان يعرف نسبة حيث روى عن ابي هريرةرضى الله عنة عن النبي صلى الله علية وسلم قال . تعلموا من انسابكم ما تصلون بةارحامكم فان صلة الرحم محبة في الاهل مثراة في المال منساة في الاثر ... ونقل ابنخلدون قول عمر رضى الله عنة تعلموا النسب ولا تكونوا كنبط السواد اذا سئل احدهم عن اصلة قال من قرية كذا . مقدمة ابن خلدون رقم الصفحة 130 البلوش من العرب من بني قحطان من الأزد من أهل اليمن من ولد سليمة بن مالك بن فهم الذي خرج من اليمن الى كرمان عام 300 قبل الميلاد و ذلك لأنه قتل اباه مالكا خطأ، فهرب خوفا من اخوته الى بلاد فارس، فأقام هناك على جبال كرمان مع أولاده حتى مضى عليم 800 سنة، ثم خرج البعض الى مكران و الآخرون الى العراق عندما حاربهم أنوشروان حاكم ايران عام 560 للميلاد، و الذين جاؤوا الى العراق سكنوا في مكان شرقي بغداد يسمى الحلبة ثم حاربهم يزيد بن معاوية سنة 60 للهجرة لأنهم وقفوا الى جانب الحسين بن علي رضي الله عنهما في معركة كربلاء، فخرج البعض الى سجستان و الأخرون الى البصرة... ونسبهم اى البلوش انها قبيلة قحطانية وذكر المراجع التى استند عليها وهى :
العقد الفريد - سبائك الذهب - الاشتقاق - الاكليل - معحم الانساب - معجم البلدان
والقبائل اليمنية....... وهم يتناقلون ذلك والعجيب فيهم من يحفظ نسبه الى حمزة بن الختار الازدى .. وترى سماتهم عربية وكذلك عاداتهم ...
موضوع اخر ذو صله وبه المراجع الخاصه بتاريخ البلوش وعلاقتهم بقبيلة بلي أورد الشيخ سليمان بن خلف الخروصي نسب البلوش في جريدة عمان اليومية الصادرة في 10 أغسطس عام 1991 م على النحو التالي : -
إن البلوش قبيلة قحطانية يتصل نسبها إلى ( بلي بن عمرو بن الحافي بن قضاعة بن مالك بن حمير الأكبر بن سبأ بن يشجب بن يرعب بن قحطان بن هود عليه وعلى نبينا أفضل السلام والتسليم ونقل الشيخ سليمان هذه النسب من المراجع التالية :
1- العقد الفريد – لا بن عبد ربه
2- سبائك الذهب – محمد أمين السويدي
3- الاشتقاق – لابن دريد الأزدي العماني
4- الإكليل – لأبي محمد الحسني بن أحمد الهمداني
5- معجم الأنساب – محمد بن إبراهيم الخليل
6-معجم البلدان والقبائل اليمنية – لإبراهيم أحمد المقجلي
هذه هي المراجع التي ذكرها الشيخ سليمان ، فوجدت فيها أسم بلي ونسبه بما يلي :
سبائك الذهب ص_23 ،
الأشتقاق صـ 550 ، الأكليل صـ 28 ،
معجم قبائل العرب صـ 105 ،
معجم البلدان والقبائل اليمنية صـ 149 .
أحمد الهوتي:
طوى الزمن صفحات من تاريخها الحافل، وتحقق فيها حكم القوي على الضعيف، وأصبحت ملجأ الأيتام والعجزة والمهاجرين الأفغان، إنها الوطن الغني والشعب الفقير (بلوشستان) الإقليم الذي يشكل 43% من المساحة الإجمالية لباكستان، وهو الأكبر على الإطلاق بين الأقاليم الباكستانية، تتوسط منطقة شرق ووسط آسيا وإيران وأفغانستان والخليج العربي.
يبلغ تعدادها حوالي تسعة ملايين نسمة، ومساحتها ثلاثمائة وأربعين ألف كيلو متر مربع، منطقة متنوعة التضاريس والجغرافيا، فهي تجمع بين ساحل يمتد بطول تسعمائة كيلو متر، صحاري شاسعة تعرف بصحاري مقران، ومناطق زراعية تنتج الفواكه والحبوب والخضراوات، عاصمتها كويتا نسبة إلى هذه الجبال الثلجية التي تحيط بها من كل صوب.
طقسها بارد شتاءً، وتصل درجة الحرارة في المناطق الجبلية تحت الصفر، ومعتدل صيفاً، كانت بلوشستان مملكة مستقلة، وتوالى عليها حكومات متعددة قبل أن يحتلها الإنجليز عام 1885م، فقسمت المنطقة إلى جزأين، أحدهما للبلوش، والآخر تحت الاستعمار البريطاني، وفي عام 1947م وبعد حصولها على الاستقلال شنت باكستان حرباً على حاكمها "أحمد يارخان" وانتصرت عليه، وضمت بلوشستان إلى أراضيها.
وفي عام 1973م عندما تولى "ذو الفقار علي بوتو" السلطة في باكستان شنت قواته بالتعاون مع القوات الإيرانية بقيادة شاه إيران هجوماً عنيفاً على المناطق البلوشية مات خلاله عشرات الألوف من السكان، وقاد الجيوش البلوشية "شير محمد ماري" الذي رحل إلى أفغانستان بعد هزيمته، وخلال الخمسين عاماً الماضية لم يكن أمام البلوش إلا الانصياع للأوامر الصادرة من إسلام أباد رغم وجود حكومة محلية يرأسها حاكم بلوشستان الذي لا حول له ولا قوة لتنمية هذه المنطقة والارتقاء بشعبه الفقير.
الشيخ عبد الحق البلوشي: ماضي بلوشستان مشرق، حيث كانت مملكة مستقلة حتى عام 1947م عندما ضمتها باكستان إلى أراضيها، والقبائل البلوشية لم تأت فقط من أفغانستان أو إيران، بل جاءت من مختلف المناطق لتعيش هنا، وقد حكم بلوشستان الملوك وأيضاً السلاطين، وحتى الشيوخ حكموها في بعض الفترات المتلاحقة، ومنذ أن ضمتها باكستان إلى أراضيها بدأت معاناة الشعب الذي لم ير إلا العذاب، أما الحكومة الحالية المنتخبة من الشعب فقد جاءت بعد عام 1947م.
أحمد الهوتي: تعاني بلوشستان من البطالة التي سببتها الهجرة المتكررة للأفغان إلى إقليمهم المجاور لأفغانستان، واستيلائهم على الوظائف والأعمال، مما جعل الجيل الحالي بدون عمل، وقد بدأت الهجرات الأفغانية في الثمانينات، عندما أعلنت باكستان ترحيبها للأفغان الذين كانوا يواجهون حرباً شرسة مع الاتحاد السوفيتي
آنذاك، ثم توالت الهجرات مع نشوب الحرب الأهلية إلى أن اتخذ الأفغان بلوشستان موطناً جديداً لهم، فحلت الفوضى، وقلت الموارد، وزادت الجرائم، وارتفعت نسبة البطالة بين أفراد المجتمع، وأصبحت بلوشستان الغنية بمواردها عاجزة عن تلبية حاجات السكان.
أحمد الهوتي: عام 1998م قامت باكستان بتجربتها النووية على أراضي بلوشستان، ولقي القرار اعتراضاً من الأهالي، وفي مقدمتهم حاكم بلوشستان آنذاك، إلا أن الحكومة الباكستانية لم تكترث باعتراضهم، وأصرت على إجراء التجربة، رغم علمها بحجم الأضرار التي ستلحق ببيئة المنطقة وسكانها، ولاعتراضه على إجراء هذه التجربة فوق أرض إقليمه دفع حاكم بلوشستان الثمن، حيث أسقطت حكومته، وأقيل من منصبه بعد عام من توليه السلطة.
أحمد الهوتي: تعتبر بلوشستان غنية بثرواتها الطبيعية حيث تمتلك كميات كبيرة من الغاز، وتقوم الحكومة المركزية بتوزيعه على المناطق الباكستانية باستثناء بلوشستان التي لا تحصل شيئاً من هذه الثروة!! والجبال يخرج منها الذهب والفضة والنحاس والكروم والنيكل والفحم الحجري، ويعمل عدد كبير من أبناء المنطقة في استخراج هذه المعادن، وازدهرت مؤخراً صناعة الرخام الذي يصنع منه الأدوات المنزلية والديكور، وتهتم حكومة بلوشستان بدعم الصناعات التقليدية كالنسيج باستخدام صوف الحيوانات، والصناعات الجلدية المنتشرة في أرجاء الإقليم، والسجاد البلوشي هو الأشهر في باكستان، وتظهر براعة إنسان هذه الأرض من خلال النماذج والصور التي تمثل جوانب تاريخية إلى جانب خياطة الملابس النسائية.
محمد البلوشي: هذه الصناعات منتشرة في مناطق بلوشستان، وخاصة الصناعات الجلدية والنسيجية القديمة، وهناك أيضاً صناعات حديثة نقوم بها حالياً.
أحمد الهوتي: صيد الأسماك رافد مهم لاقتصاد بلوشستان، حيث يعمل عدد كبير من البلوش في هذه المهنة، ويتم تصدير هذه الأسماك إلى إيران وباقي المناطق الباكستانية، ونأتي للزراعة العمود الفقري وأهم مصادر الدخل في بلوشستان، فالتربة غنية وتصلح لمختلف أنواع الزراعات الشتوية والصيفية، والمياه متوفرة دون انقطاع، ولا حاجة لحفر الآبار، فخلال فصل الشتاء تسقط الأمطار الغزيرة، فيستمر جريان الأودية طوال العام، ويقوم الأهالي بزراعة الخضراوات والأرز والشعير والقمح داخل هذه الأودية.
بينما تنتج مزارع كوتيا التفاح والخوخ والمشمش والعنب واللوز والجوز والفستق والموز والجوافة والحمضيات، أما المناطق الحارة في "مقران" فيزرع فيها النخيل الذي ينتج أنواعاً من التمور الجيدة، ورغم هذا التنوع في الإنتاج إلا أن الناس يعانون من مشكلة التسويق، فكل هذه المنتجات لا تخرج من بلوشستان بسبب عدم تعاون الحكومة الباكستانية وسماحها لتسويق هذه الخيرات إلى الخارج.
أسلم بليدي: نحن مطمئنون على الواقع الزراعي والسمكي في بلوشستان، والمستقبل سيكون أفضل بإذن الله، لكن المشكلة التي تواجهنا هو التسويق، فنحن ننتج أطناناً من التمور والتفاح ومختلف الفواكه، لكنها لا تسوق إلى الخارج، ولذلك فهي تباع بأسعار رخيصة جداً.
أحمد الهوتي: الأسواق في بلوشستان مزدحمة ومليئة بأنواع البضائع، المهربة منها والمصنعة داخل البلاد، إضافة إلى الخضراوات والفواكه واللحوم التي تباع بأرخص الأثمان، وبعض هذه الأسواق قديمة قدم الإنسان، وتشبه الأسواق العربية في أزقتها الضيقة وبضائعها المتعددة، بينما توجد أسواق حديثة أُسست لمواجهة الحاجات السكانية المتجددة، ويتضح سيطرة الأفغان على معظم التجارة في الأسواق خاصة تجارة البضائع المهربة.
وتتبادل بلوشستان التجارة مع باقي المناطق الباكستانية بواسطة هذه الشاحنات التي تأتي محملة بالبضائع، وترحل محملة بالبضائع، وغالباً ما تترك بصماتها على هذه المدينة وشوارعها العتيقة التي بناها الإنجليز أثناء احتلالهم للمنطقة قبل 70 عاماً، وتتعرض الأسواق للنهب والسرقة من قبل المهاجرين،
ويتحدث السكان اللغة البلوشية والأردو والبوشتو، واللغة البلوشية لغة قديمة خليط بين العربية والفارسية والهندية، وهي تنطق وتكتب، حيث ظهرت مؤلفات كتبت باللغة البلوشية وبخط عربي، ويستخدم البلوش جميع الحروف العربية بالإضافة إلى ستة حروف أخرى هي بيه، قيه، تجا، دال، جا
والجاف، ويعتبرون العربية الأقرب إلى لغتهم، ويستخدم البلوش في كلامهم مفردات إنجليزية وعربية وأردو، ومع هذا فهم لا يخشون ضياع لغتهم، ويعتبرون ذلك أمراً طبيعياً لانتشار البلوش في كل مكان من أرجاء العالم.
أحمد الهوتي: هناك تقارب كبير بين البلوش والأكراد في الأصول والعادات، ويعيش في بلوشستان عدد كبير من الأكراد يتحدثون البلوشية، ويقول البلوش أنهم ينحدرون من أصول عربية، هاجروا من اليمن والعراق، وكانت لهم علاقات تجارية مع الحضارة الفرعونية وبلاد الشام، ولذلك لا يستغرب المرء أن يجد بلوشاً في مصر وسوريا والأردن واليمن والخليج العربي وأفريقيا.
الشيخ عبد الحق البلوشي: البلوش أقرب للعرب، وبينهم نسب مشترك منذ زمن بعيد.
أحمد الهوتي: أكاديمية البلوش صرح بنى ذاتياً للحفاظ على التراث الأدبي واللغة البلوشية، وقد تمكنت الأكاديمية التي يديرها عدد من المثقفين من نشر أكثر من مائتي كتاب في مختلف الأغراض، ومنذ أن استخدمت الحروف العربية في الكتابة انتشرت الكتب على رفوف المكتبات، وتشارك الأكاديمية في المعارض والمحافل المحلية والدولية، وقد تمكن عدد من الباحثين من جمع المخطوطات القديمة التي كتبت قبل آلاف السنين وحفظها من الاندثار والضياع، وتعتبر الأكاديمية ملتقى أهل الفكر والأدب، وتهتم أيضاً بنشر المجلات والصحف المكتوبة باللغة البلوشية.
جان محمد دشتي: نحن نخدم الأدب واللغة البلوشية، وقد قمنا بطباعة ونشر ما يقرب من مائتي كتاب في اللغة والتاريخ والجغرافيا والآداب كالدراما والشعر.
أحمد الهوتي: متحف كوتيا أحد المتاحف الصغيرة المنتشرة في بلوشستان، ويحتوى على عدد من المصاحف الشريفة كتبت باللغة العربية والفارسية والباشتو، وهذا القسم يحتوي على أواني فخارية يعود تاريخها إلى ما قبل سبعة آلاف عام، وجارٍ البحث عن آثار أخرى في ميرجر ولوشيرو.
أكبر الأقسام قسم خصص للأسلحة التي استخدمها البلوش في حروبهم، فهذه السيوف تعرف بالسيوف البلوشية، ولها أنواع واستخدامات مختلفة، وهذه البنادق صنعت في بلوشستان خلال الخمسينات والستينات، وهناك مسدسات وبنادق إنجليزية وروسية استخدمت خلال الحروب التي خاضها البلوش، ويسعى الأهالي لبناء متحف كبير يجمع كل المقتنيات الأثرية التي عثر عليها حتى الآن.
أحمد الهوتي: يلقى الشعراء احتراماً خاصاً في بلوشستان، فهم أفضل من يحرك مشاعرهم وأشجانهم، ويذكرهم بماضيهم المشرق وبطولاتهم التي ذاع صيتها، ويقرض الناس الشعر بلغتهم البلوشية، ويستخدمون -غالباً- الأغراض الشعرية العربية.
يهتم البلوش بإحياء تراثهم الشعبي الفلكلوري من خلال إقامة الاحتفالات وتشجيع الفرق الشعبية للاحتفاظ بنمط الرقصات الشعبية والأغاني
الفلكلورية، ويقوم المركز الثقافي بتوفير الإمكانيات والوسائل بإشراك هذه الفرق في كافة المناسبات داخل باكستان وخارجها، وهناك أنماط كثيرة للرقصات بعضها يشبه الرقصات العربية، وبعضها يقترب من الرقصات القوقازية.
كان التعليم مقتصراً على الذكور -فقط- ولا يسمح للإناث أن تدخل المدارس، ولكن منذ الثمانينات تغيرت النظرة، وسمح لها أن تتلقى العلم إلى جانب الرجل، وبدأت تأخذ موقعها في التعليم، واليوم نشاهد المدرسات والطبيبات ممن أنهين الدراسة الجامعية، كما يحق لها تلقي التعليم الجامعي في جامعة بلوشستان والكليات المهنية المتخصصة، ويقول المسؤولون "إن نسبة الإناث تضاهي في المراحل الأولى من التعليم الابتدائي نسبة الذكور" وهناك جهود لنشر التعليم في المناطق الريفية.
جان محمد دشتي: في الماضي كان الناس لا يسمحون لبناتهم بتلقي التعليم، لكن الآن وخلال السنوات الأخيرة فالفتاة تحصل على نصيبها من التعليم مثلها مثل الرجل.
أحمد الهوتي: يفتخر البلوش بلباسهم التقليدي المؤلف من سروال فضفاض وقميص طويل، وهذه الملابس تستخدم في كل المناسبات، فيما يفضل البعض وضع العمامة على الرأس كما يفعلها هؤلاء الرجال الذين ينتمون إلى قبيلة الرند البلوشية، أما المرأة فتلبس ثوباً طويلاً يصل إلى الركبة زخرف بنقوش وألوان زاهية، وفي وسط الثوب يوجد جيب لوضع النقود زخرف الآخر بنفس النقوش والألوان، ويلبس تحت الثوب السروال، وتضع المرأة اللحاف على رأسها والغشاوة أو النقاب على وجهها، وفي مناسبة الأعراس يلبس العريس والعروس هذه الملابس التقليدية التي تبين عراقتها وجمالها.
تعد "سبي" التي تبعد حوالي مائة وسبعين كيلو مترا عن "كوتيا" مركز الإشعاع الثقافي باعتبارها كانت عاصمة مملكة البلوش في عهد الأمير "شاكا" وتظهر آثار القلاع والحصون التي لم يبق منها إلا الأطلال، ويقام في هذه المدينة -حتى يومنا هذا- مهرجان شعبي يرعاه حاكم بلوشستان إحياء لذكرى هذه المدينة
العريقة، ويقوم الحاكم هنا بتكريم التجار ورجال الأعمال الذين ساهموا في إنجاح الفاعليات والبرامج التنموية خلال السنوات الماضية.
بالقرب من هذه الجبال المكسوة بالثلوج تسكن قبيلة "مري" وهي قبيلة بلوشية رحلت إلى أفغانستان عام 1973م عندما هزم الجيش الباكستاني القوات البلوشية، لكن المشاكل المتلاحقة على أفغانستان أجبرتهم على العودة إلى ديارهم، فما وجدوا سوى هذا المكان ليبنوا فيه بيوتهم الصغيرة، ويعيشوا في هذه الظروف القاسية، ورغم تلقيهم التعليم الجامعي في الاتحاد السوفيتي السابق، إلا أن هؤلاء الناس بدون
تختلف البيوت بحسب اختلاف طبيعة وعمل الناس وموقع سكناهم، فبيوت المدينة والمزارعين تتشابه إلى حد ما، وهي مبنية من الطين والطوب، وغطيت بمواد صلبة اتقاء للأمطار والثلوج التي تسقط بغزارة خلال موسم الشتاء، وغالباً ما تتألف من غرفتين، ويلاحظ قدم هذه البيوت باستثناء بيوت الميسورين في المدينة.
أما البدو الرحل فبيوتهم مصنوعة من بقايا الأشجار أو جلود الحيوانات، وهي صغيرة جداً، وكل أفراد الأسرة يقيمون داخل غرفة واحدة، وهناك بعض الخيام الحديثة التي بدأ استخدامها مؤخراً، وتجلس الأسرة وتطبخ في باحة البيت التي حددت ببقايا الأشجار، ويستخدمون نفس هذه الأشجار اليابسة في الطبخ.
الأهالي لهم حب خاص لبعض الحيوانات، فهم يهتمون بتربية الخيل، ويتفاخرون بها ويضعون عليها الزينة لتظهر بأجمل حلة، ولهم مع الخيل تاريخ طويل، وهناك من يهتم بتربية الثيران لحاجتهم لها في مختلف الأغراض وخاصة الزراعية، والثيران هنا تستعد لمسابقة أفضل وأجمل ثور، ويحب الناس طيوراً كالديوك الكبيرة التي تشارك في مسابقات صراع الديكة، وهناك طيور كثيرة تنتشر في بلوشستان كالنسر الذهبي والحجل والحمام البري والعصفور المغني.
وسط هذه الجبال العالية والأودية السحيقة تقع عين ماء وسط جبل أصم، حيث يتدفق الماء بقوة من هذه الصخرة باتجاه الوادي في منظر
بديع، ويأتي الناس هنا للتبرك بهذه المياه، فلهذه العين قصة بطلها رجل تقي -كان يتعبد في هذا المكان- دعا ربه أن يسقيهم فنبع الماء من هذه الصخرة، ويسمى المكان باسم هذا الرجل وهو "بير غيب" والأغرب من هذا أن اللص الذي لا يعترف بجريمته يؤتى به إلى هذه البركة المائية التي تكونت بفعل مياه العين المتدفقة فيرمى فيها، فإذا طفا على السطح فهو بريء، أما إذا لم يخرج فهو مذنب، وهذه العادة مستمرة حتى اليوم.
وتنساب هذه الشلالات في منظر بديع يأخذ الألباب إلى بطن الوادي، لتجري المياه إلى الحقول والبساتين، والجبال في كوتيا و"زيارت" مكسوة طوال الشتاء بالثلوج، حيث تهبط درجة الحرارة دون الصفر، وما أن ينقضي الشتاء تذوب هذه الثلوج مكونة الشلالات والجداول المائية التي تساعد على سقي المزروعات والحيوانات.
أحد المهن الرئيسية في بلوشستان هو الرعي، فعدد كبير من السكان البدو يعملون كرعاة للإبل والغنم والأبقار، وفي موسم الشتاء يأخذون حيواناتهم إلى الأماكن الأكثر دفئاً وبعيداً عن الثلوج والأخطار الأخرى، ونشاهد الألفة الحميمية بين الراعي وأغنامه التي ترعى في هذه الأودية، وللرعاة أغاني رقيقة يؤنسون بها أنفسهم أوقات راحتهم، وهذا الراعي يغني باللهجة البرهوية، شاكر الله على فضله ابتهاجاً بقدوم موسم الخصب والكلأ.
البدو كثيرو الترحال خاصة في موسمي الشتاء والصيف، وهم يرحلون -الآن- اتقاء البرد إلى مناطق أكثر دفئاً، ويستخدم الرجال الجمال في الترحال، بينما النساء يركبن الحمير، ويحملن باقي متاع البيت على ظهورها، ويقطعون مئات الأميال للوصول إلى المنطقة التي سيقضون فيها شتاءهم، ومهما قيل فالموضوع اليوم لا يتعلق بالمستقبل السياسي لبلوشستان والبلوش، إنما بمصير كل هؤلاء البشر الذين نزحوا إلى بلوشستان، واستوطنوا فيها، وشاركوا أهلها الموارد والإمكانيات المحدودة، إذن القضية أكبر من أن يحلها ساسة هذا الإقليم، فهي تتطلب جهداً دولياً يؤمن العيش الكريم لهؤلاء البشر.
المصدر/لما بعد الخريطة
أحمد الهوتي "الجزيرة" "كوتيا" عاصمة بلوشستان الباكستانية
جمع واختيار وتحريربتصرف/ عبدالرحمن حمود الحوشان
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق